إدانة أممية متصاعدة.. مقررة أممية تحذّر من منطق إبادة في التعامل مع الفلسطينيين
إدانة أممية متصاعدة.. مقررة أممية تحذّر من منطق إبادة في التعامل مع الفلسطينيين
أطلقت فرانشيسكا ألبانيز، مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تحذيراً شديد اللهجة يعكس حجم الانتهاكات التي يعيشها الفلسطينيون يوميا.
وفي تصريح حاد نشرته عبر منصة "إكس" الثلاثاء، قالت ألبانيز إن الجيش الإسرائيلي يتبنى سياسة ترى في كل فلسطيني إرهابيا محتملا، بمن في ذلك الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم ثمانية أو أحد عشر عاما، واعتبرت أن هذا النهج يعكس منطق الإبادة الجماعية التي تُعامل فيها جماعة بشرية كاملة باعتبارها خطرا وجوديا يجب السيطرة عليه أو إلغاؤه.
إطلاق النار لا يتوقف
أكدت ألبانيز أن إعلان وقف إطلاق النار في قطاع غزة لم يغير شيئا من الواقع الميداني الذي يستمر فيه القتل والاعتقال والاستهداف الواسع للفلسطينيين، فالمشهد على الأرض، بحسب وصفها، لا يزال يحمل ملامح الحصار والقمع والمداهمات، ولا يشي بأي تحول يضمن الحماية أو يخفف من وطأة العنف، وترى أن وقف إطلاق النار تحول في التجربة الفلسطينية إلى استراحة شكلية قصيرة بينما يستمر فقدان الأرواح على الأرض، الأمر الذي يجعل الإعلان السياسي منفصلا تماما عن تجارب الناس اليومية.
دعوة إلى إجراءات لا بيانات
طالبت المقررة الأممية المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات ملموسة، وليس الاكتفاء ببيانات الشجب أو بطرح خطط سلام شكلية لا تمتلك أي أثر فعلي في تغيير الواقع، ودعت إلى فرض حظر على توريد الأسلحة وفرض عقوبات على إسرائيل، باعتبار أن تجاهل الانتهاكات يسهم في تعميق آثارها، وترى ألبانيز أن سياسة الإفلات من العقاب حولت حياة الفلسطينيين إلى دائرة مغلقة من الخوف واستمرار فقدان الحقوق الأساسية، وأن الوقت قد حان لخطوات دولية قادرة على التأثير في موازين القوة على الأرض.
الأطفال في دائرة الاتهام
واحدة من أكثر النقاط التي أثارت صدى واسعا في تصريحات ألبانيز كانت الإشارة إلى الأطفال الفلسطينيين الذين يتم التعامل معهم بوصفهم تهديدا أمنيا، هذه الفكرة ليست جديدة في سياق الانتهاكات، لكنها تكتسب ثقلا خاصا عندما تصدر عن جهة أممية مسؤولة عن مراقبة حالة حقوق الإنسان، فالطفل الذي يُفترض أن يكون محميا بموجب القانون الدولي، وفقا لمقررة الأمم المتحدة، يتحول في الممارسة الحالية إلى هدف محتمل للاعتقال أو إطلاق النار أو الملاحقة، وهو ما يتعارض مع أبسط قواعد حماية المدنيين أثناء النزاعات.
تضع تصريحات المقررة الأممية الأطراف الدولية، وخاصة الجهات التي تربطها علاقات عسكرية أو أمنية بإسرائيل، أمام مسؤولية سياسية وأخلاقية واضحة، فالتغاضي عن التعاطي مع هذه التحذيرات يعني استمرار تآكل منظومة القيم الدولية التي تتحدث عن حماية المدنيين والالتزام بالقانون الإنساني.
على الرغم من الإعلان الأخير عن وقف إطلاق النار، فإن الوقائع الميدانية تشير إلى أن الانتهاكات لم تتوقف في الضفة الغربية والقدس وغزة، فقد استمرت عمليات الاقتحام الليلي للمدن والمخيمات، والاعتقالات الواسعة التي شملت قاصرين، إلى جانب إطلاق النار خلال المداهمات، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين، وفي غزة، لم تُرفع القيود المفروضة على الحركة ودخول المواد الأساسية، إذ بقيت المعابر خاضعة لسيطرة مشددة تعوق وصول الإمدادات الإنسانية، كما وثقت منظمات حقوقية استمرار استهداف البنى السكنية والبنى التحتية المدنية في جولات القصف المتقطعة التي تلت وقف إطلاق النار، الأمر الذي يتعارض مع الالتزامات الدولية المتعلقة بحماية المدنيين.
ويؤكد هذا الواقع، بحسب مراقبين، أن وقف إطلاق النار ظل إجراء سياسيا أكثر منه تغييرا فعليا في طبيعة السلوك العسكري على الأرض، وأن الفلسطينيين ما زالوا يواجهون الظروف ذاتها من الخوف والتهديد وانعدام الأمان رغم الاتفاقات المعلنة.











